Le premier colloque scientifique sur l'histoire et le patrimoine de Jemmel

الندوة العلمية حول تاريخ مدينة جمّال

21-22-23 أفريل 2016 بقصر بلدية جمّال

 

      في إطار مشروع التوثيق لمدينة جمّال نظمت الجمعية التونسية للتربية والثقافة والعلوم بالشراكة مع بلدية جمّال وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة وبدعم من المندوبية الجهوية للثقافة بالمنستير وأبناء مدينة جمّال الندوة العلمية الأولى حول تاريخ وتراث مدينة  جمّال وذلك أيام (21-22-23) أفريل بالقصر البلدي بجمّال.

لقد إستهوى التاريخ المحلي والجهوي عددا كبيرا من الباحثين والمؤرخين منذ الثمانينات من القرن الماضي في إطار مونوغرافيات تهم المجالين الحضري والريفي القبلي ويعزى ذلك في الحقيقة إلى الإغراءات التي يقدمها هذا الصنف من المباحث التي تتأكد قيمتها العلمية إذا ما تمت معالجتها وفق مقاربة متعددة الإختصاصات. كما من شأن الخوض في موضوع المحلي المتصل بمدينة جمال أن يسمح بدحض مسائل قد تبدو بديهية ومسلمة مثل الحتميات السوسيولوجية وذلك بغية الوقوف على الإختلافات التي كانت تشق المجتمع المحلي وتحدد فرادته ومدى طرافته.

وتبقى مدينة جمّال حقلا بكرا بحاجة إلى دراسات تاريخية تفصح على المحطات التاريخية التي مرت بها وتعيد تركيب السير الفردية والجماعية من أجل الوقوف على الدور الحقيقي الذي لعبته هذا المدينة عبر مختلف الحقب التاريخية أي على المدى الطويل ومن أجل ذلك نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة بالتعاون مع الجمعية التونسية للتربية والثقافة والعلوم بجمّال وبلدية جمّال ندوة علمية وفق محاور البحث التالية :

محور تاريخي :

     لقد شددت الدراسات التاريخية على أهمية البحوث المتصلة بالتاريخ المحلي بكل مظاهره بعلاقة مع محيطه القريب وفي علاقة مع المركز وفي هذا السياق نشير إلى أن بلدة جمّال لم تحظ بدراسات مستفيضة من شأنها أن تسلط المزيد من الأضواء على مجريات التحولات التي شهدتها البلاد على مر العصور والحقب التاريخية وذلك بالرغم من توفر رصيد أرشيفي عام وخاص لم يقع إستغلاله بعد وتعتبر قرية جمّال ذات جذور وسيطية فهي لم تبنى على أنقاض موقع أثري قديم. غير أن بعض معالمها تحتوي على لقى أثرية قديمة (سواري-رؤوس-تيجان) مثلما هو الحال في جامع القصر الذي يعتقد أنه يمثل النواة الأولى للقرية. كما يحتوي ظهير جمال على مواقع أثرية قديمة متعددة لعل أهمها الموقع الأثري بأوزيتا Uzita بجهة المصدور.

ظهرت قرية جمّال في العصر الحفصي في سياق حركة تثبيت أقدام السلطة المركزية وتوطين القبائل البدوية وانتشار التصوف  الولائي التي عمّت مجال الساحل التقليدي وذاع صيتها في نهاية هذا العصر بحكم  إلتصاق اسمها بمعركة جمّال التي هزم فيها الشابيون تحالف الإسبان والحفاصة سنة 947هـ/1540م. ورغم الإشارات المصدرية القليلة التي تثبت وجود القرية آنذاك مثل رحلة التيجاني والوصية الكبرى لعبد السلام الأسمر واجوبة عظوم فإن البحث الميداني والأرشيف المحلي قادر على إثراء هذه المعطيات وإعادة تركيب المشهد الجغرافي للقرية في هذه الحقبة المفصلية، بل والتأكد من إمكانية تعمير الموضع في العهد ما قبل الحفصي.

واكتسبت قرية جمّال حظوة خاصة مع بداية حكم الحسينيين خاصة لما ناصرت "الصف الباشي" واستفادت من تحالفها معه أثناء أحداث الفتنة الباشية الحسينية (1728-1762) واعتمد علي باشا على أفراد عائلة بن خضر الكورغلية لتسيير دواليب المخزن وتصنف جمّال من قبل الإخباريين ضمن بلدان الساحل التي ساندت على باشا في تمرده ضد عمه حسين بن علي وقد توصل دور أهلها في نصرة الشق الباشي من خلال دعمهم لثورة إسماعيل بن يونس حفيد علي باشا (1759) وهو ما عرّض بلدة جمّال إلى التنكيل والهدم وتتبع أهلها بالقتل والسلب من طرف الحاج علي بن عبد العزيز العوادي وهو ما إضطر أهلها إلى الفرار.

          ورغم ذلك حرص علي باي على استمالة سكان هذه البلدة وتأمينهم وأمرهم بالرجوع إلى بلدهم كما كانت جمّال أيضا ضمن بلدان الساحل التي عمتها أحداث انتفاضة علي بن غذاهم (1864) ونالها من الردع والتنكيل ما نال مثيلاتها من بلدان الساحل وقراها (القلعة الكبرى-مساكن...) وكانت بلدة جمّال وأحوازها من المراكز الأربعة الكبرى في منطقة الساحل للمقاومة المسلحة للإحتلال الفرنسي سنة 1881، إذ ضمت مجموعة الحاج علي بن خديجة قرابة 300 جندي و 50 مقاوم من الأهالي وشاركت في عدة معارك كانت أهمها معركة الساحلين يوم 20 سبتمبر 1881 ومن جراء مشاركتهم في المقاومة اضطر أهالي جمّال إلى دفع غرامة حربية. وبعد انتصاب الحماية الفرنسية تحوّلت جمّال إلى مركز للقيادة واكتسبت تدريجيا عدة مؤسسات إدارية (قباضة-محكمة-مركز للأمن-مقر للقايد وآخر للخليفة و البلدية) وبعثت بها مدرسة فرنسية عربية منذ أوhخر القرن 19. كما بدأت تشهد بروز وحدات صناعية كانت أهمها معمل الآجر بجمّال وتبعا لهذه التطورات بدأت تبرز في المدينة بعض النخب والأطر التي تمكن بعضها من تسلّق سلم الوظيفة والوصول إلى المناصب السياسية العليا في الإدارة والوزارة. كما لعبت جمّال دورا في النشاط الوطني وفي الحركة التحررية في الخمسينات من القرن العشرين وقدّمت عددا من الشهداء. وبعد استقلال البلاد تحوّلت جمّال إلى مركز معتمدية وشهدت في السبعينات من القرن العشرين بداية نهضة إقتصادية وتأسس بها معهد ثانوي وأصبحت مدينة جمّال مركز خدمات يشع على ما حوله من القرى والتجمعات السكنية.